تتميز مدينة مونترو السويسرية الواقعة على ضفاف بحيرة جنيف بمناظر طبيعية خلابة لجبال الألب المهيبة، ويرتبط اسمها بمهرجان مونترو لموسيقى الجاز المشهور عالميا، فضلا عن معالم سياحية مثل قلعة شيلون التاريخية واحتضانها أصغر متحف في العالم.
وعلى الرغم من صغر مساحتها، فإن مونترو اكتسبت لقب “لؤلؤة بحيرة ليمان” عن جدارة وتتمتع بمناخ البحر الأبيض المتوسط المعتدل، الذي يتيح المجال أمام أشجار الصنوبر وأشجار السرو والنخيل لتزيين كل ركن فيها وإضفاء جمالية على الريفييرا السويسرية بأكملها (مناطق في جنوبي البلاد مطلة على بحيرات).
وتعدّ مدينتا مونترو وفيفي من كبرى المدن في منطقة فود ريفييرا (تقع ضمن الريفييرا السويسرية)، والتي تشتهر باستقطاب الفنانين والمشاهير للاستقرار فيها والباحثين عن الجمال الطبيعي والإلهام منذ مدة طويلة، من فيكتور هيغو إلى فريدي ميركوري، وشارلي شابلن، وكلارا هاسكيل وغيرهم.
مونترو وضواحيها
كانت مدينة مونترو عبارة عن مجموعة من القرى الصغيرة يعود تاريخ بعضها إلى العصر الروماني، ثم شهدت المنطقة تطورا استثنائيا في القرن الماضي بفضل الملاحة في بحيرة جنيف ووصول السكك الحديدية.
وفتحت بيوت الضيافة أبوابها منذ عام 1815، وأسهم العديد من الكتاب والفنانين الذين استقروا في الريفييرا السويسرية في التعريف بجمال المكان والسكينة والخصوصية التي يبحث عنها المشاهير.
وعلى الرغم من التقلبات التي فرضتها الحربان العالميتان في القرن العشرين، فإن السياحة ظلت المصدر الرئيسي للدخل لمونترو.
وبفضل جوها المعتدل على مدى السنة، تعد مونترو بيئة مناسبة لزراعة الزهور والنباتات الاستوائية، ووجهة مثالية للتنزه والاستكشاف على طول أرصفة الميناء المنمقة.
ويتوافد إليها مئات الآلاف من عشاق موسيقى الجاز منذ عام 1967 حتى أصبح مهرجان الجاز حدثا سنويا لا يمكن تفويته على ضفاف بحيرة جنيف، فهو الأكبر في أوروبا، فضلا عن الهندسة المعمارية لعصر “بيل إيبوك” التي تميز المدينة والتي لا يمكن مقاومة سحرها.
حديقة بالقمة
ومن مونترو يمكن ركوب القطار المتجه إلى “روشيه دو ناي” لمشاهدة جبال الألب على جانب الحدود بين سويسرا وفرنسا، وذلك على ارتفاع يتجاوز 2000 متر عن سطح البحر. كما يمكن التوقف عند بلدة فيفي لاكتشاف الحياة البسيطة في الريفييرا الهادئة.
وبعد رحلة تستغرق أقل من ساعة بالقطار، سيبهرك نقاء الهواء والجو الهادئ الذي يشجع على المشي والاكتشاف، مع إطلالة بانورامية خلابة على النباتات الجبلية في حديقة “ألبان لارامبيرسيا” (Alpin La Rambertia garden)، التي تضم حوالي ألف نوع من النباتات جلبت من مناطق جبلية مختلفة في سويسرا وأوروبا وقارات أخرى.
وتزهر العديد من نباتات جبال الألب بين أواخر يونيو/حزيران ومنتصف أغسطس/آب، وهي أيضا فترة العطلة الصيفية التي تستقبل فيها الحديقة أكبر عدد من الزوار. ويُمنع ركوب الدراجات في الحديقة التي أقيمت عام 1896 أو قطف الزهور، كما يحظر استخدام الطائرات المسيرة لأن عددا كبيرا من الطيور ترتاد الموقع.
ولأن حديقة لارامبيرسيا تستفيد من المنحدرات الجنوبية والشمالية، ولأن بعض النباتات تأتي من قارات أخرى، فإن فترة الإزهار عموما تستمر مدة أطول مقارنة بحدائق جبال الألب الأخرى، ويمتد موسم نمو هذه النباتات من نهاية مايو/أيار إلى منتصف أكتوبر/تشرين الأول.
أصغر متحف
وعند تجولك في القرى المحيطة بمونترو، سيخبرك السكان المحليون بفخر باستضافتهم أصغر متحف في العالم، وهو لقب مغرٍ سيجعلك بالتأكيد ترغب في التعرف عليه عن قرب.
ففي قرية كولي الصغيرة والمطلة على ضفاف بحيرة ليمان، يقع متحف “كونستال مارسيل دوشامب” “كي إم دي” (KMD)، والذي يقدم خمس تحف فنية يتم تغييرها كل مرة، وهي من أعمال فنانين هواة وآخرين معترف بهم دوليا.
هذا المتحف الأصغر في العالم عبارة عن كبسولة صغيرة على ارتفاع متر ونصف المتر، وعرضها 45 سنتيمترا وطولها 75 سنتيمترا. ويمكن للعموم زيارته ومشاهدة تحفه الفنية المعروضة داخله على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع.
وتأسس هذا المشروع الفني الفريد من نوعه على يد الفنانين كارولين باخمان وستيفان بانز في عام 2009 بمناسبة حدث دولي مخصص للفنان ولاعب الشطرنج الفرنسي الأميركي مارسيل دوشامب، والذي أمضى عدة أيام في كولي في عام 1946 وانبهر بجمال شلال فوريستاي، الذي رسمه في إحدى تحفه الفنية المحفوظة حتى الآن في متحف فيلادلفيا للفنون.
قلعة شيلون
وعلى بعد 3 كيلومترات تقريبا من مونترو وتحديدا في مدينة فايتو، نجد قلعة شيلون، وهي من الوجهات السياحية الأكثر شعبية في سويسرا، فهي فرصة للغوص في التاريخ على جزيرة صخرية.
ويعود تاريخ تأسيس هذه القلعة إلى القرن الثالث عشر، وبنتها عائلة سافوي للسيطرة على الممر على طول بحيرة جنيف. وكانت القلعة بمثابة مخزن أسلحة وموقع دفاعي وسجن ومقر إقامة مؤقتة لكونتات سافوي (الحكام المحليين للمنطقة).
واكتسبت قلعة سيلون شهرتها على يد اللورد بايرون في قصيدته “سجين شيلون” المنشورة في عام 1816. واليوم، تستقبل 400 ألف زائر سنويا، 75% منهم من السياح الأجانب، مما يجعلها المعلم التاريخي الأكثر زيارة في البلاد.
ويمكن العودة إلى مونترو بواسطة القارب أو الحافلة (10 دقائق تقريبا)، أو سيرا على الأقدام، حيث يمكنك الاستمتاع بأشجار النخيل على طول الأرصفة، أو مشاهدة مزارع الكروم الشاسعة في لافو، وهي أكبر منطقة لزراعة العنب في سويسرا ومدرجة في قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).
ويوصى بالحجز عبر الإنترنت للزيارات الفردية أو الجماعية المجانية أو الإرشادية لقلعة سيلون، ويصل سعر التذكرة إلى 13.50 فرنكا سويسريا (15.8 دولارا) و7 فرنكات (8.2 دولارات) للأطفال، وينخفض السعر لفائدة للمجموعات (15 شخصا على الأقل) إلى 10.50 فرنكات (12.3 دولارا).
الإقامة والتنقل
وبمجرد الوصول إلى وجهتك، يُنصح باستلام بطاقة “مونترو ريفييرا” للحصول على تسهيلات عديدة أثناء فترة زيارتك، والتنقل مجانا باستخدام وسائل النقل العام عند حجز أي ليلة في فندق أو مكان مبيت أو شقة عطلات أو موقع تخييم في المنطقة، وسيتم تقديم البطاقة لك فور وصولك من قبل المضيف.
ويتم تمويل هذه البطاقة من خلال ضريبة السياحة، وتسمح للسائحين بالوصول إلى مناطق الجذب الرئيسية، مع الاستفادة من تخفيض الأسعار بنسبة تبلغ 50% على الأنشطة والمعالم السياحية أو الجولات المصحوبة بمرشدين.
فعلى سبيل المثال، بدلا من دفع السعر الكامل لزيارة متحف شارلي شابلن أو قلعة شيلون، يمكنك تقديم بطاقة “مونترو ريفييرا”، وسيطبق الخصم الخاص بك بشكل تلقائي للاستمتاع بالمنطقة بأسعار منخفضة.
وغالبا ما يستفيد الأطفال من الدخول المجاني للأماكن السياحية، مما يجعل زيارة مونترو وضواحيها رفقة العائلة فرصة لا تُفوت.