تسيطر الشركات العائلية الكبيرة بصورة لافتة للنظر على التجارة الهندية، وتبلغ قيمة مجموعات الأعمال العائلية العشر الأكثر قيمة في الهند ما يقرب من 900 مليار دولار، وفقا لشركة هورون إنديا للأبحاث.
وبحسب الإحصاءات -التي نقلتها صحيفة الإيكونوميست البريطانية- تبلغ قيمة أكبر 100 مجموعة في الهند 1.4 تريليون دولار، وتمثل مجموعات الجيل الأول من الشركات العائلية خُمس هذه القيمة فقط.
ووفق دراسة شارك في تأليفها كافيل راماشاندران من كلية الأعمال الهندية، فإن تسعة أعشار الشركات المدرجة في البورصة في الهند تسيطر عليها الشركات العائلية، وهي نسبة أعلى كثيرًا من تلك المسجلة في الغرب.
في حين تسيطر الشركات العائلية في الولايات المتحدة على قليل من الشركات العملاقة؛ فلا أحد من عائلة بيل غيتس في إدارة مايكروسوفت، ولا أحد من عائلة ستيف جوبز في إدارة آبل، ويتعرض روبرت مردوخ، قطب الإعلام، لضغوط من مستثمر ناشط للتخلي عن سيطرة عائلته على (نيوز كورب).
نزاعات
وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير أن الدور الضخم للعائلات في الهند يغير وجه التجارة؛ فالنزاعات على خلافة مقاعد رئاسة الشركات مثل تلك التي كانت بين رئيس شركة ريلاينس إندستريز موكيش أمباني وشقيقه (بعد عام 2002) شائعة، وغالبًا ما تؤدي إلى تقسيم المجموعات إلى شركات متعددة، كما تختلط الإمبراطوريات التجارية من خلال الزواج.
ووفق التقرير، فإن الشركات الأجنبية مثل ديزني الأميركية أدركت أن ممارسة الأعمال التجارية في البلاد أسهل بمساعدة عائلة ذات علاقات جيدة.
وسعت الحكومات الهندية بعد الاستقلال عن بريطانيا إلى تجنب هيمنة عدد قليل من العائلات على الاقتصاد، وأصدرت قوانين مختلفة بين عامي 1947 و1969 إلى الحد من نمو الشركات الكبيرة، وتم تأميم العديد من الشركات واحتفظت الدولة بصناعات مختلفة، مثل التعدين والاتصالات لنفسها.
لكن بصورة عملية، استمر العبء التنظيمي الهائل المتمثل في ممارسة الأعمال التجارية بالبلاد في إفادة الشركات العائلية الكبيرة ذات العلاقات القوية، وهي الميزة التي لا تزال قائمة حتى اليوم، وفق التقرير.
ففي بلد به مؤسسات ضعيفة، تكون هذه الشركات في وضع أفضل لجذب رأس المال والتفاوض مع العمال والتأثير على سياسة الحكومة لصالحها، وقد يشجع التركيز على ترك إرث أيضًا الشركات العائلية على الاستثمار بشكل أكبر في نجاحها على المدى الطويل.
ومن المفيد أن الهند، على عكس العديد من البلدان الغنية، لم تفرض ضريبة الميراث منذ عام 1985، ما يجعل من الأسهل الحفاظ على سيطرة الأسرة عبر الأجيال، حسب الصحيفة البريطانية.
تغيير قادم
ومع ذلك، ثمة دلائل تشير إلى أن التغيير جارٍ، وليس فقط في شركة ريلاينس المتوقع أن يسيطر عليها موظف قديم يدعى مانوج مودي بعد رحيل موكيش أمباني (وهو ليس من عائلته).
وأضاف التقرير أنه لم يتبق سوى عدد قليل جدا من أفراد عائلة تاتا في الشركة الشهيرة التي تحمل اسم العائلة، وكان آخر عضو في العائلة يديرها، راتان تاتا، وتنحى عن منصبه في عام 2012 (وإن كان مع ظهور قصير في عام 2016).
وعندما تقاعد أناند ماهيندرا في عام 2020 كرئيس لمجموعة ماهيندرا، وهي شركة هندية أخرى، سلم زمام الأمور لموظف، وكذلك فعل هارش ماريوالا عندما تنحى في عام 2014 عن منصب رئيس ماريكو، وهي شركة عائلية حوّلها إلى شركة كبرى للمنتجات الاستهلاكية.
وبمرور الوقت، قد تؤدي الديناميكية المتنامية للاقتصاد الهندي -تقول الصحيفة- إلى إضعاف قبضة العائلات على الشركات، لكن التغيير سيكون بطيئا.
فقد كان غوتام أداني -ثاني أغنى رجل في الهند ومؤسس مجموعة أداني- صريحا بشأن رغبته في أن تخلفه عائلته في إدارة ريليانس.