الوضع في ليبيا متجه نحو أزمة أعمق نتيجة النزاع المستمر حول السيطرة على البنك المركزي والنفط، ما أدى إلى شلل في الاقتصاد وتفاقم معاناة المواطنين، وزاد من حدة الأزمة الصراع المتواصل بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة واللواء المتقاعد خليفة حفتر، بجانب تدخل قوى إقليمية ودولية.
وقال إيشان ثارور في تقرير لصحيفة واشنطن بوست إن التقارير الأخيرة تشير إلى أن صدام حفتر، ابن خليفة حفتر، يعمل على تعميق الأزمة، ويسعى إلى إشعال الفتنة بين فصائل غرب ليبيا وشراء دعم قادة مليشيات مختارين، كما أبلغ والده دبلوماسيين غربيين الشهر الماضي عن خطته لشن محاولة أخرى للاستيلاء على طرابلس.
وتقول الصحيفة إن الأزمة بدأت في أغسطس/آب الماضي عندما اعتقلت قوات موالية للدبيبة مسؤولين في البنك المركزي، وعلى الفور هرب محافظ البنك المركزي الصديق الكبير إلى تركيا، وأدت هذه الخطوة إلى تعليق عمليات البنك المركزي، مما عرقل المعاملات مع أكثر من 30 مؤسسة مالية دولية وعزل ليبيا عن النظام المالي العالمي.
وكان الأثر الاقتصادي على المواطنين الليبيين وخيما، إذ نتج عن إغلاق البنك انخفاض حاد في صادرات النفط، ووضع قيود على سحب النقود، وتكرار انقطاع الكهرباء، وصعوبة تحصيل النفط في البلاد.
ونقلت واشنطن بوست عن محللين قولهم إن “الكبير جنى على نفسه، فقد تمكن بعد سقوط معمر القذافي من شراء ولاء خصومه على الطرفين والحفاظ على السيطرة، كما دعم واردات الوقود مما جعل الوقود الليبي الأرخص عالميا، وسهّل تهريبه حول العالم وإلى أوروبا مقابل أرباح ضخمة، لكن نفوذه تدهور مع الوقت، ما أدى به لوضعه الحالي”.
وبحسب الصحيفة تعود جذور أزمة البنك إلى صراع أوسع بين الدبيبة في الغرب وقوات حفتر في الشرق، مؤكدة أن حفتر -الذي يمتلك سيطرة كبيرة على موارد النفط في ليبيا ولديه علاقات قوية مع روسيا والإمارات- في صراع مع الدبيبة منذ محاولة فاشلة للسيطرة على طرابلس خلال الحرب الأهلية.
وتسلط الفوضى الحالية الضوء على الصراع المستمر في ليبيا وتداعياته الاقتصادية، ومع استمرار انشغال المجتمع الدولي بأزمات أخرى عالمية، بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية وحرب إسرائيل على غزة، فإن ضرورة التدخل الدبلوماسي الفعال وإيجاد حل للنزاعات الداخلية في ليبيا أهم الآن من أي وقت مضى.