قالت صحيفة كالكاليست في تقرير نشرته أمس الأحد، إن خفض التصنيف الائتماني من قبل موديز يشكل إشارة تحذير اقتصادي خطير، وهو ليس مجرد إجراء عابر بل يتطلب أن يكون جزءا من مناقشات الحكومة في القضايا الحساسة المرتبطة بإدارة الحرب والسياسة العامة.
هذا الإجراء -وفق كالكاليست- يحمل في طياته تداعيات أعمق من مجرد أرقام، فهو يؤثر بشكل مباشر على ثقة المستثمرين في الاقتصاد الإسرائيلي، وعلى قدرة إسرائيل على تمويل نفسها بتكاليف معقولة في المستقبل.
وتقول الصحيفة إنه على الرغم من إمكانية مجادلة موديز حول الإجراء، كما فعل يالي روتنبرغ، المحاسب العام في وزارة المالية الإسرائيلية، الذي وصف القرار بأنه “مبالغ فيه وغير مبرر”، فإن التغاضي عن هذا الخفض الخطير قد يؤدي إلى نتائج سلبية طويلة الأمد على الاقتصاد الإسرائيلي.
خفض التصنيف ودلالاته
التصنيف الائتماني ليس مجرد رقم، بل هو مقياس لكيفية رؤية العالم الخارجي للاقتصاد الإسرائيلي. وعندما تتخذ وكالة معروفة وذات خبرة مثل موديز قرارا بخفض تصنيف إسرائيل، فإن هذا يشير إلى وجود مخاطر حقيقية تتعلق بالاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد، وفق ما ذكرت الصحيفة.
وأشار التقرير إلى أن التقييم الذي تصدره وكالات التصنيف لا يقتصر فقط على كونه انعكاسا للواقع، بل يعمل أيضا على “تشكيل” هذا الواقع، فهو يؤثر بشكل كبير على كيفية نظر المستثمرين المحتملين إلى الاقتصاد الإسرائيلي. بمعنى آخر، يجب على صناع القرار أن يتجنبوا التقليل من خطورة هذا الخفض وأن يتخذوا إجراءات لتقليل الآثار السلبية المحتملة.
- ارتفاع تكلفة الفائدة
وفي مؤتمر صحفي، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش “أنا لست منشغلا بخفض التصنيف، هذا لا يقلقني… لم ألاحظ أن خفض التصنيف قد زاد من أسعار الفائدة”.
وحاول سموتريتش التقليل من أهمية خفض التصنيف بحجة أن السندات الإسرائيلية كانت تُقيم بالفعل عند مستوى بي بي بي (BBB)، مما يعني أن تأثير الخفض ليس بالغ الأهمية، بالإضافة إلى أن معظم الدين الإسرائيلي داخلي.
لكن “كالكاليست” ترى أن هذا المنطق خاطئ من عدة نَواح. حيث قد يثير خفض التصنيف ردود فعل أكثر حدة في الأسواق، مما سيؤدي إلى مطالبة المستثمرين بفوائد أعلى على الديون الإسرائيلية.
وهذا يعني أن تكلفة الاقتراض ستزداد ليس فقط في الأسواق الخارجية ولكن أيضا داخل إسرائيل نفسها، مما يضع ضغوطا إضافية على ميزانية الدولة.
كالكاليست: استمرار الحرب يؤدي إلى خلق بيئة من عدم اليقين تؤثر بشكل مباشر على ثقة المستثمرين واستقرار الاقتصاد.
- التأثير على الاستثمار
وفقًا لدراسة نشرها باحثان من بنك إسرائيل، نعام ميخلسون وروعي شتاين، في يونيو/حزيران 2023، فإن خفض التصنيف يؤدي بالفعل إلى زيادة في عائدات السندات بحوالي 0.3% لكل خفض في درجة التصنيف عبر وكالات التصنيف الثلاث.
وبناء على هذا النموذج، يتوقع أن يؤدي خفض التصنيف الأخير إلى زيادة قدرها 0.2% في عائدات السندات فقط بسبب الخفض نفسه، وهذا من شأنه أن يجعل التكلفة على الاقتصاد الإسرائيلي أكبر بكثير مما يظن البعض.
- التهديد المستقبلي للدولة
الخطأ الأكبر في التصور بأن تأثير خفض التصنيف محدود هو أن هذا الخفض لا يؤثر فقط على تكلفة الفائدة بل يمتد ليؤثر على صورة الاقتصاد الإسرائيلي بأكمله.
فخفض التصنيف يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على معدلات الاستثمار في إسرائيل وحتى على اتجاهات الهجرة، مما يعني أن الأثر يمكن أن يكون أعمق وأطول مدى. حيث تتطلع الشركات والمستثمرون الدوليون إلى الدول ذات التصنيف الائتماني العالي للاستثمار فيها؛ لذا فإن خفض التصنيف يجعل إسرائيل أقل جاذبية لهذه الاستثمارات.
افتراض خاطئ
في تعليق آخر، قال سموتريتش “بعد الانتصار، سيعود التصنيف إلى مستواه الحقيقي”. ومع ذلك، يرى تقرير “كالكاليست” أن هذا الافتراض يتجاهل حقيقة أن استمرار الحرب يؤدي إلى خلق بيئة من عدم اليقين تؤثر بشكل مباشر على ثقة المستثمرين واستقرار الاقتصاد.
ويشير التقرير إلى أن فكرة أن التصنيف سيعود تلقائيا إلى مستواه السابق بمجرد انتهاء الحرب هي تبسيط مفرط للأمور لا يأخذ في الاعتبار التعقيدات الاقتصادية والسياسية المرتبطة بالتصنيف الائتماني.
الحاجة إلى خطة واضحة وتعزيز الثقة
وبحسب تقرير “كالكاليست”، فإن حكومة إسرائيل بحاجة إلى النظر بجدية في المخاطر الاقتصادية المتمثلة في انخفاض النمو الاقتصادي وارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ويشير التقرير إلى أن الحكومة تحتاج إلى إستراتيجية اقتصادية واضحة للتعامل مع التداعيات المالية المحتملة، مع التركيز على كيفية تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
وتوضح “كالكاليست” أن المسؤولين يجب أن يتعلموا من تقارير وكالات التصنيف، بدلا من تجاهلها أو التقليل من شأنها، حيث تتعلق هذه التقارير بكيفية رؤية المجتمع الدولي لإسرائيل، وإذا استمرت الحكومة في التصرف بتجاهل لهذه التحذيرات، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من الضغوط الاقتصادية.