قال تقرير بصحيفة لوموند الفرنسية إن دول آسيا الوسطى، بقيادة أوزبكستان وكازاخستان، بدأت العمل على التقارب مع حكومة طالبان في أفغانستان لأسباب اقتصادية وأمنية.
وأضاف التقرير للكاتبة إيما كوليه أن زيارة رئيس وزراء أوزبكستان عبد الله أريبوف إلى كابول في 18 أغسطس/آب الماضي تعتبر حدثًا مهمًا لنظام طالبان الذي لم تعترف به أي دولة.
وأشارت الكاتبة إلى أن الطرفين وقعا نحو 35 بروتوكول اتفاق تجاري واستثماري بقيمة 2.5 مليار دولار مع تطلعات لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 3 مليارات دولار في المستقبل.
لكن الكاتبة استدركت بالقول إن هذه الزيارة لم تثر الكثير من المفاجآت على الساحة الدولية ذلك أن العلاقات التاريخية بين أفغانستان وأوزبكستان استمرت في التطوّر بعد وصول طالبان إلى الحكم.
علاقات تجارية مع أوزبكستان
وترى طشقند -حسب الكاتبة- أن تعزيز أوزبكستان للعلاقات التجارية هو السبيل الوحيد نحو “تطبيع” التبادلات مع أفغانستان التي ستتمكن من استيراد الوقود والمنتجات الزراعية ومواد البناء والكهرباء من آسيا الوسطى التي تمثل أوزبكستان بوابتها الرئيسية.
ونقلت الكاتبة عن الخبير حمزة بولتاييف قوله: “طشقند تفضّل التأثير الاقتصادي على العلاقات الدبلوماسية الرسمية”. والهدف من ذلك خلق رافعة اقتصادية لدفع البلاد نحو تعزيز المناقشات الإقليمية ودبلوماسيةٍ أكثر شمولا.
وأضاف: لكن محاولة دفع طالبان تدريجيًا نحو تغييرات هيكلية في السياسة الداخلية والخارجية من خلال الاعتماد التجاري لا تزال تواجه صعوبات في تحقيق نتائج ملموسة.
ولفتت الكاتبة إلى أن التوترات لا تزال قائمة، خاصة فيما يتعلق بمسألة المياه إذ لم تتمكن أوزبكستان من منع بناء قناة قوش تيبه في ربيع 2023 التي تمر عبر محافظة بلخ في شمال أفغانستان، والتي يتم من خلالها تحويل خُمس مياه نهر أمو داريا.
وتعاني أوزبكستان وتركمانستان من انخفاض مستوى المياه في هذا النهر، مما يؤثر بشكل كبير على ريّ الأراضي الزراعية في كلا البلدين.
مع ذلك- تضيف الكاتبة- أصبحت أفغانستان الآن تكتسي أهمية خاصة من حيث المبادلات التجارية مع هذه الدول.
العلاقة مع كازاخستان
وقالت الكاتبة إن كازاخستان -أكبر دول آسيا الوسطى- تبذل أيضًا جهودًا حثيثة للتقرب من طالبان، حيث قررت أستانا في ديسمبر/كانون الأول 2023 شطب طالبان من قائمتها للمنظمات الإرهابية، تلتها قرغيزستان مؤخرًا بإزالة الحركة من سجل المنظمات المحظورة في 5 سبتمبر/أيلول الماضي.
وأضافت: كانت هذه الخطوة لـ”دواع تجارية”، حسب ما صرح به ممثل عن وزارة الخارجية الكازاخستانية.
وفي العام الماضي -تؤكد الكاتبة- استقبلت العاصمة الكازاخية وفدًا كبيرًا من رجال الأعمال التابعين لطالبان بحفاوة، حيث تم توقيع عقود بقيمة 200 مليون دولار تتعلق أساسًا بتوريدات الحبوب والدقيق إلى أفغانستان.
ونقلت عن الخبير حمزة بولتاييف قوله إن “الحرب في أوكرانيا كانت واحدة من الأسباب الرئيسية لتقارب كازاخستان من أفغانستان، مما ساعد على تنويع مبادلاتها التجارية”.
كما نقلت عن أغويباي سماغولوف، السفير السابق لكازاخستان في كابول من 2005 إلى 2011، قوله إن “دول آسيا الوسطى تعتبر سلطة طالبان فرصةً على المدى القصير لإنهاء الصراع الطويل داخل أفغانستان وتعزيز الأمن الإقليمي”.
ماذا عن طاجيكستان؟
بحسب تقرير لوموند تجد الحكومة الطاجيكية -التي تحظر أي حركة إسلامية على أراضيها- صعوبة في إقامة حوار مع طالبان، لكن العلاقة بين البلدين لا تخلو من التناقضات، فعلى الرغم من أن القنصلية الأفغانية في خوروغ، الواقعة في منطقة طاجيكستان الحدودية مع أفغانستان، قد انتقلت إلى يد طالبان في عام 2023، فإن السفارة الأفغانية في دوشنبه لا تزال تحت سيطرة الحكومة السابقة.
وتتشارك أفغانستان أطول جزء من حدودها مع طاجيكستان، التي تُعتبر الدولة الأكثر محدودية في علاقاتها مع طالبان.
وتحدث التقرير عن جهود من جانب تركمانستان -التي تُعتبر واحدة من أكثر الدول انغلاقًا في العالم- تم إطلاق مشروع سكك حديدية يهدف إلى ربط البلاد بأفغانستان لإنشاء مسار بديل عن ذلك الذي يمر عبر أوزبكستان.