شهدت الأسهم الصينية أكبر ارتفاع أسبوعي لها اليوم الجمعة منذ عام 2008 بعد أن أطلقت بكين حزمة تحفيز اقتصادي شاملة تضمنت صندوقًا بقيمة 114 مليار دولار لدعم سوق الأسهم وفق ما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز.
وأضافت الصحيفة أن مؤشر “سي إس آي 300″، الذي يتتبع الشركات المدرجة في شنغهاي وشنتشن، ارتفع بنسبة 15.7% هذا الأسبوع، مسجلا أفضل أداء له منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2008 عندما أعلنت الصين عن حزمة تحفيز مماثلة استجابة للأزمة المالية العالمية.
هذا الارتفاع في الأسهم الصينية أدى أيضا إلى دفع الأسواق الأوروبية وأسعار المعادن الصناعية إلى الارتفاع وفقا للصحيفة، في وقت تسعى فيه القيادة الصينية إلى استقرار أسواق رأس المال، ومعالجة أزمة قطاع العقارات، وتعزيز الاستهلاك المحلي لتحقيق هدف النمو الاقتصادي المحدد عند مستوى 5% لهذا العام.
وكان بنك الشعب الصيني قد أعلن الثلاثاء الماضي إنشاء صندوق إقراض بقيمة 800 مليار يوان (114 مليار دولار) لأسواق رأس المال، بهدف تمكين الشركات من إعادة شراء أسهمها وتوفير التمويل للمؤسسات المالية غير المصرفية، مثل شركات التأمين، للاستثمار في الأسهم المحلية.
الأسواق تستجيب بمكاسب قياسية
وأغلق مؤشر “سي إس آي 300” مرتفعا بنسبة 4.5% يوم الجمعة، بينما صعد مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 3.6%، محققا أكبر مكاسب أسبوعية منذ الأزمة المالية الآسيوية عام 1998.
هذا الارتفاع تم دعمه بتوقعات المزيد من التحفيز في الصين، مما دفع بالأسهم الأوروبية إلى الارتفاع. وبلغ مؤشر “ستوكس 600” في أوروبا مستوى قياسيا جديدا اليوم الجمعة، مدفوعا بشركات السلع الفاخرة التي ستستفيد من زيادة الإنفاق الاستهلاكي المتوقع في الصين .
ووصف نيكولاس يو، رئيس الأسهم الصينية في شركة “أبيردن” لفايننشال تايمز، هذا الوقت بأنه لحظة حاسمة للاقتصاد الصيني وسوق الأسهم، مشيرا إلى أن خفض سعر الفائدة الأخير من قبل الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) سيوفر أيضا دفعة كبيرة. وقال “الظروف العالمية المواتية من شأنها تعزيز الاستهلاك، وهو أمر مفيد للصين، أكبر مُصدر في العالم”.
زخم مدفوع بالسيولة
واتخذت السلطات الصينية خطوات لتقييد البيانات اليومية لتدفقات المستثمرين الأجانب إلى الأسهم المحلية عبر برنامج “هونغ كونغ ستوك كونكت”، ولكن النشاط التجاري شهد ارتفاعا كبيرا وفقا لفايننشال تايمز.
وأفادت شركة “سيتي” بأن الأيام الثلاثة الماضية كانت الأكثر ازدحاما لفريق مبيعات وتداول الأسهم في آسيا، مع تدفقات قياسية للعملاء نحو الأسهم في هونغ كونغ والصين. وأصدرت بورصة شنغهاي إشعارا يحذر من بطء “غير طبيعي” في سرعات المعاملات نتيجة التداول المحموم في فترة الصباح.
وأكدت ويني وو، محللة الأسهم في بنك أوف أميركا في حديث لفايننشال تايمز، على تفرد هذا الوضع قائلة “هذه هي المرة الأولى التي تشجع فيها الحكومة الاستثمار المدعوم بالرافعة المالية في سوق الأسهم. لا يزال أمام هذا الارتفاع المدفوع بالسيولة مجال كبير للتقدم.”
ارتفاع المعادن الصناعية بفضل التحفيز
ودفعت إجراءات التحفيز أسعار السلع الأساسية إلى الارتفاع، حيث شهدت المعادن الصناعية مثل النحاس والألمنيوم والزنك زيادات كبيرة على حد قول الصحيفة.
وقد ارتفع النحاس، الذي يستخدم بشكل كبير في قطاع البناء للتوصيلات الكهربائية، بأكثر من 5% منذ يوم الثلاثاء، متجاوزًا حاجز 10 آلاف دولار للطن، وهو أعلى مستوى له في 3 أشهر.
كما ساعدت الحزمة التحفيزية في تحقيق انتعاش في أسعار خام الحديد، الذي انخفض مؤخرا إلى أدنى مستوى له خلال عامين بسبب ضعف استهلاك الصلب.
وأعرب ديفيد تشاو، الخبير الإستراتيجي للأسواق العالمية في “إنفسكو”، عن تفاؤله بشأن استدامة الارتفاع في الأسهم الصينية، مشيرا إلى أوجه التشابه مع ارتفاع 2014-2015 عندما ارتفع مؤشر شنغهاي بنحو 150% قبل أن ينهار.
وأشار في حديث للصحيفة إلى إمكانية التحول من الأصول التكنولوجية العالمية الباهظة إلى الأصول الأقل تكلفة في الأسواق الناشئة مع تراجع الدولار الأميركي بسبب تخفيض سعر الفائدة.
فيما أكد كولين هاميلتون، خبير السلع في “بي إم أو” الاستشارية، قائلا “في سلعة كانت التوقعات تجاهها سلبية، مثل خام الحديد، يشير هذا إلى تحول واضح. نراه كتجارة إعادة التضخم، ولكن يبقى السؤال ما إذا كان ذلك كافيًا لتعزيز ثقة المستهلك الضعيفة”.