بلغت قيمة إجمالي الصادرات السلعية العربية في عام 2023 نحو 1.4 تريليون دولار أميركي، كما بلغت حصة الصادرات العربية 5.8% من الصادرات العالمية.

وكما هو متوقع فإن أغلب هذه الصادرات تعود لقطاع الطاقة ولا سيما النفط والغاز حسب تقرير أممي صادر عن منظمة الإسكوا.

وكانت الصادرات العربية قد وصلت ذروتها بزيادة ملحوظة بلغت 46.2% في عام 2022، بفعل تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة أسعار النفط والغاز مع ارتفاع الطلب من دول العالم ولا سيما الاتحاد الأوروبي، متجاوزة بذلك المتوسط ​​العالمي البالغ 11.4%.

ومع ذلك، أدى تباطؤ الطلب على الواردات من الاقتصادات الرئيسية، وخاصة في أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا، مصحوبا بانخفاض أسعار السلع الأساسية (النفط والغاز)، إلى انخفاض بنسبة 11.4% في إجمالي الصادرات العربية، التي بلغت 1388.6 مليار دولار في عام 2023.

وكان لهذا التباطؤ آثار سلبية على ميزان المدفوعات، ولا سيما في الدول العربية المصدرة للنفط، مما قلل جزئيا من فوائدها عن العامين السابقين، ولكن في الوقت نفسه أدى هذا الوضع إلى تحسين موازين التجارة للاقتصادات الأكثر تنوعا مثل الأردن والمغرب.

وبرزت بعض الدول العربية التي استطاعت اختراق الأسواق العالمية في الصادرات غير التقليدية بعيدا عن النفط والغاز والوقود الأحفوري.

وسنستعرض في هذا التقرير قصصا لـ4 دول عربية حققت نجاحا كبيرا واختراقا للأسواق العالمية في صناعات عديدة مختلفة بعيدا عن النفط والغاز استنادا إلى تقرير الإسكوا، هذه الدول هي:

قطاع السيارات في المغرب حقق المرتبة الأولى في الصادرات

1- المغرب.. صناعة السيارات

في المغرب، تعد المبادرات الحكومية والاستثمارات الأجنبية من المحركات الرئيسية لنمو صناعة السيارات، مما رفع من مكانة البلاد في التصنيع أفريقيا وأوروبا.

ومهدت الشراكات مع شركات تصنيع السيارات العالمية الرائدة الطريق لإنشاء صناعة غير تقليدية في المغرب، وتعززت هذه الصناعة بافتتاح مصنع للسيارات الكهربائية في عام 2022.

وتصل صادرات السيارات المغربية الآن إلى أكثر من 70 سوقا عالمية، لا سيما مع الدول الأوروبية.

وأنتج المغرب 535 ألفا و825 سيارة في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2023، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق وفقا لشركة “سي إي آي سي” (CEIC).

وبحلول عام 2023، أصبح المغرب رسميا أكبر مصدر للسيارات إلى دول الاتحاد الأوروبي، متجاوزا عمالقة صناعة السيارات مثل اليابان وكوريا.

ومع مسار النمو القوي في إنتاج المركبات الجاهزة، من المقرر أن تتوسع تجارة البلاد مع أوروبا بشكل أكبر في السنوات القادمة وفقا لمنصة “أوتوموتيف لوجيستكس” (automotive logistics).

وشهدت صادرات المغرب من السيارات إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2023 زيادة كبيرة، حيث بلغت قيمتها 15.1 مليار يورو (16.4 مليار دولار).

ويمثل هذا نموا كبيرا بنحو 30% مقارنة بالعام السابق، وفقًا لتقديرات مكتب الصرف المغربي.

ويظل المغرب في المرتبة الثانية من حيث صادرات السيارات الجاهزة إلى أوروبا، بعد الصين التي تستأثر بـ782 ألف سيارة.

وقال رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش -شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- إن بلاده تتقدم الدول الأفريقية في إنتاج السيارات بتصدير 700 ألف سيارة سنويا لأكثر من 70 دولة، بعائدات تجاوزت 11.5 مليار دولار حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024.

كما استطاع المغرب دخول مصاف الدول المصنعة للسيارات الكهربائية بعد بلوغ قدرته الإنتاجية 40 ألف سيارة كهربائية سنويا، وفقا لوزير الصناعة المغربي رياضي مزور، مما يجعله قادرا على دخول المنافسة الدولية.

وقال وزير الصناعة المغربي، في مايو/أيار الماضي خلال مقابلة مع منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، إن بلاده تهدف لزيادة إنتاج السيارات الكهربائية إلى 100 ألف بحلول 2025.

2- الأردن.. صناعة الألبسة والأدوية

  • صناعة الألبسة

قبل عام 2000، لم يكن الأردن معروفا على نطاق واسع بتصديره للملابس عالية الجودة. ومع ذلك، فقد برز لاحقا كمصدر رائد للملابس، وخاصة إلى الأسواق المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا.

في عام 2000، صدر الأردن ملابس بقيمة 113 مليون دولار إلى 15 سوقا. وبمرور الوقت، توسعت الصادرات من هذا القطاع لتشمل أكثر من 60 سوقا، لتصل إلى قيمة إجمالية قدرها 2.1 مليار دولار بحلول عام 2023.

ويرجع هذا الارتفاع جزئيا إلى سياسة التجارة في البلاد التي أدت إلى سلسلة من الاتفاقيات التجارية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي اجتذبت الاستثمار الأجنبي وعززت الصادرات الأردنية وفقا لتقرير الإسكوا.

ووفق تقرير التجارة الخارجية الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، ارتفعت صادرات الألبسة في أول 7 أشهر من هذا العام بنحو 23.3% بمقارنة سنوية لتبلغ 937 مليون دينار (1.34 مليار دولار).

  • صناعة الأدوية

يعتبر قطاع الصناعات الدوائية في الأردن من الركائز الأساسية لدعم عجلة الاقتصاد الوطني.

وحسب المؤسسة العامة للغذاء والدواء في الأردن فقد سجلت صادرات قطاع الصناعة الدوائية الأردنية خلال عام 2023 نموا بنسبة 19% وصل معه عدد الأصناف الدوائية المصدرة إلى 2480 صنفا دوائيا وبقيمة إجمالية وصلت 616.3 مليون دينار أردني (869 مليون دولار) مقارنة بحجم الصادرات عام 2022 التي بلغت قيمتها 514.7 مليون دينار أردني (725.8 دولارا).

ووصلت الأدوية الأردنية إلى 73 سوقا حول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي.

ويسعى الأردن لزيادة صادرات الأدوية إلى 2.96 مليار دينار أردني (4.17 مليارات دولار)، وزيادة عدد العاملين في القطاع إلى 16 ألفا، ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.4 مليار دينار أردني (3.4 مليارات دولار) بحلول عام 2033 وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية بترا.

وتُعد شركة الحكمة الأردنية أكبر شركة لصناعة الأدوية في العالم العربي بقيمة سوقية تبلغ 5.163 مليارات دولار وقت كتابة هذه السطور.

وتأسست عام 1978 في الأردن على يد سميح دروزة، وكانت أول شركة عربية تدخل الأسواق الأميركية والبريطانية والأوروبية.

وتوسعت الشركة لتستحوذ على مصانع في أميركا والبرتغال وإيطاليا وتونس والسعودية ومصر والجزائر، وتصل منتجاتها إلى 52 سوقا عالميا.

3- السعودية.. الصناعات الدوائية

بلغ حجم سوق الأدوية في المملكة العربية السعودية 9.4 مليارات دولار أميركي في عام 2024. ويتوقع أن يصل السوق إلى 11.7 مليار دولار أميركي بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 2.27% خلال الفترة 2025-2033، وفقًا لمنصة “آي إم إيه آر سي” (IMARC).

وبلغت صادرات المملكة العربية السعودية من المنتجات الصيدلانية 556.6 مليون دولار أميركي خلال عام 2023، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية حسب ما ذكرت منصة “تريدنغ إيكونوميست”.

ويكشف تقرير صادر عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية، التطوّر الملحوظ الذي شهدته صناعة الأدوية والأجهزة الطبية في المملكة خلال الأعوام الأخيرة، حيث بلغ عدد مصانع الأدوية والأجهزة الطبية مجتمعة 206 مصانع قائمة، ووصل عدد المصانع الدوائية تحديدا 56 مصنعا دوائيا مرخصا ومسجلا في الهيئة العامة للغذاء والدواء باستثمارات إجمالية تزيد عن 7 مليارات ريال (1.86 مليار دولار) وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.

وشهد السوق الدوائي في المملكة نموا لافتا خلال الفترة بين عام 2019 وحتى 2023، بلغ معدّله 25%، حيث زاد حجم السوق من 8 مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار سنويا، وهو نموٌ يؤكد أهمية السوق الدوائي السعودي وجاذبيته للاستثمار.

وحقق هذا القطاع تقدما في معدلات توطينه، وتمّ تخفيض الواردات الدوائية من 80% في عام 2019 إلى 70% عام 2023، وفقا للمصدر السابق.

ومن أبرز شركات صناعة الأدوية في السعودية التي حققت حضورا عالميا وفق تقرير سابق للجزيرة نت:

تأسست عام 2000 كمساهمة سعودية لتوفير مستحضرات صيدلانية عالية الجودة. تعمل في تصنيع وتسويق أدوية تحمل علامات تجارية مميزة، وتبلغ قيمتها السوقية 2.79 مليار دولار.

  • سبيماكو (الشركة السعودية للصناعات الدوائية والأجهزة الطبية)

وهي شركة سعودية رائدة بقيمة سوقية تبلغ مليار دولار، ويقع مصنعها في المنطقة الصناعية بالقصيم، وتملك حضورا إقليميا في 16 دولة.

  • أفالون فارما 

واحدة من الشركات الصيدلانية الرائدة في السعودية، بقيمة سوقية تبلغ 660 مليون دولار.

تُصدّر منتجاتها إلى 15 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا.

  • شركة تبوك للصناعات الدوائية

تُعتبر من أكبر الشركات المملوكة للقطاع الخاص في السعودية. تأسست عام 1994، ويقع مقرها في الرياض. في عام 2023، وحققت مبيعات بقيمة 407.7 ملايين دولار بنسبة نمو 16.5% مقارنة بـ350 مليون دولار في 2022.

4- مصر: صناعة الأسمدة

ازدهرت صناعة الأسمدة المصرية في السنوات الأخيرة بعد دفع إستراتيجي لتوسيع الإنتاج.

وأدى اكتشاف احتياطيات جديدة من الغاز الطبيعي، وهو عنصر أساسي في إنتاج الأسمدة، إلى تغذية هذا النمو. ومن خلال بناء مصانع جديدة وتحديث المصانع القديمة، تحولت مصر من مستورد للأسمدة إلى مصدر عالمي رئيسي.

وارتفعت صادرات الأسمدة المصرية من 77 مليون دولار فقط في عام 2007 إلى 2.46 مليار دولار بحلول عام 2023.

واليوم، يتم تصدير الأسمدة المصرية إلى دول في جميع أنحاء أوروبا والهند وتركيا والمنطقة العربية، وفقا للإسكوا.

وكشف خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيميائية والأسمدة، المصري، أن صادرات القطاع بلغت خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب 2024 نحو 6 مليارات دولار، بما يمثل 20% من إجمالي صادرات مصر غير النفطية.

وتوقع أبو المكارم وصول صادرات القطاع إلى 8.5 مليارات دولار بنهاية العام الحالي 2024.

ومن أهم الأسواق التي تتوجه إلى صادرات مصر من الأسمدة: تركيا، وإيطاليا، وإسبانيا، وفرنسا، والبرازيل، والسعودية، وسلوفينيا، وليبيا، والمملكة المتحدة، والمغرب.

شاركها.
Exit mobile version