غازي عنتاب- ينهمك السوري عبد الحميد كعكة، صاحب أحد المطاعم الشعبية في غازي عنتاب جنوبي تركيا، بكتابة عبارات تخفيض وعروض على لافتة صغيرة، لأجل تعليقها على واجهة محله الزجاجية في السوق الإيراني، معللا سبب ذلك إلى تراجع مدخول المطعم إلى ما دون النصف.

ويقول كعكة -في حديث للجزيرة نت- إنه بات يفكر بشكل جدي في إغلاق محله وتسليمه إلى صاحبه حالما يتمكن من بيع معدات المطعم، بهدف تأمين مصاريف عودته الباهظة إلى وطنه سوريا، حاله حال غالبية اللاجئين السوريين في تركيا بالوقت الراهن.

ويشير كعكة إلى أن الشارع الذي يقع فيه محله كان في السابق يعج بالسوريين الذين كانوا يتسابقون للشراء منه، في حين تبدو السوق اليوم شبه فارغة، في مؤشر واضح على رغبة اللاجئين السوريين بتوفير المال وتخفيف المصاريف الإضافية.

ويؤكد أصحاب محال ومنشآت سورية في جنوب تركيا، أن تراجع حركة الأسواق والمبيعات لديهم مرتبط بشكل رئيسي بسقوط نظام بشار الأسد قبل نحو شهرين، وبدء عودة السوريين تدريجيا بمغادرة تركيا طوعيا، مرجحين أن تزداد أعداد العائدين مع حلول فصل الصيف ونهاية العام الدراسي.

خسارات متلاحقة

وفي جولة للجزيرة نت على الأحياء التي تسكنها غالبية من اللاجئين السوريين بغازي عنتاب، لوحظ إغلاق عدة محال تجارية عائدة لسوريين خلال الشهرين الماضيين، معظمها محال بيع ملابس ومواد غذائية وأخرى مطاعم شعبية.

عمر شامي وهو صاحب محل لبيع الحلويات تحدث للجزيرة نت عن أن المبيعات تراجعت قبيل سقوط نظام الأسد، بسبب غلاء الأسعار في تركيا وصعوبة المعيشة لدى اللاجئين، مؤكدا أن سقوط الأسد زاد من قلة المبيعات لديه.

ولفت شامي إلى أنه في طريق إغلاق محله، نتيجة تعرضه للخسارة خلال الشهرين الماضيين، وعدم تأمين وارد المحل لمصاريف أجور العمال والإيجار والمواد الأولية، معتبراً أن الجلوس في المنزل أفضل من تراكم الخسارات المالية المتلاحقة.

ولا يقتصر تردي حركة الأسواق لدى المشاريع السورية في تركيا في محال الطعام والحلويات فحسب، إذ اشتكى أصحاب محال حلاقة الشعر من انخفاض كبير في أعداد الزبائن منذ سقوط الأسد في سوريا.

وقال صاحب محل الأمير للحلاقة عدنان أبو صالح، إن الحلاقة أصبحت كما يبدو من الكماليات لدى العديد من السوريين، مؤكداً أن نسبة كبيرة من زبائنه لم يأتوا منذ شهرين للصالون.

عودة المشاريع للوطن

ومنذ سقوط نظام الأسد بدمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، عاد أكثر من 50 ألف سوري إلى بلادهم قادمين من تركيا، التي لا تزال تستضيف نحو 2.9 مليون لاجئ، وفق إحصائية رسمية حديثة لإدارة الهجرة التركية التابعة لوزارة الداخلية.

وبحسب بيانات اتحاد غرف وبورصات السلع التركية لعام 2023، بلغ عدد الشركات السورية المسجلة في تركيا منذ عام 2010 أكثر من 10 آلاف و332 شركة، برأس مال إجمالي يقارب 632 مليون دولار أميركي.

ورجح المحلل الاقتصادي عبد السلام العمر، إغلاقاً كبيراً للمشاريع السورية الصغيرة والمتوسطة في تركيا مع بداية فصل الصيف وحتى نهاية العام الحالي، مرجعاً السبب إلى الأعداد الكبيرة المتوقع عودتها من اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

ويقول العمر-في حديث للجزيرة نت- إن استمرارية هذه المشاريع مرتبط أساسا بالزبائن السوريين الذين سوف يعود عدد كبير منهم، وبالتالي ستصبح خاسرة اقتصاديا، مع وجود استثناءات لمحال لديها بعض الزبائن والعملاء الأتراك.

ويشير العمر إلى أن المشاريع السورية الناجحة في تركيا، التي أثبتت تقديم جودة منتج سواء من مطاعم أو مواد غذائية، قد تنجح أيضا في سوريا من خلال إعادة افتتاحها في المدن السورية والاستفادة من السمعة والاسم التجاري التي تمتلكه.

شاركها.
Exit mobile version