عمّان- أثار إعلان سلسلة متاجر “كارفور” إغلاق جميع فروعها في الأردن (51 فرعاً) -اعتباراً من الاثنين- ردود فعل مرحبة واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وكانت كارفور من ضمن العلامات التجارية التي أطاحت بها حملة المقاطعة التي انخرط فيها السواد الأعظم من الأردنيين تضامناً مع غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك بعد انتشار مقاطع فيديو على مواقع التواصل تظهر جنوداً إسرائيليين يحملون مواد غذائية موضوعة في أكياس عليها شعار كارفور.

وقالت “كارفور الأردن” في صفحتها الرسمية عبر “فيسبوك” “اعتباراً من 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ستوقِف كارفور جميع عملياتها في الأردن ولن تستمر في العمل داخل المملكة، نشكر عملاءنا على دعمهم ونعتذر عن أي إزعاج قد ينتج عن هذا القرار”.

التوجه نحو البديل

وبالتزامن مع هذه الخطوة، أطلقت مجموعة الفطيم اسماً جديداً لسلسلتها المختصة بالبيع بالتجزئة، وهو اسم العلامة التجارية “هايبر ماكس” كبديلٍ عن شركة كارفور، حيث دعت المجموعة إلى افتتاح العلامة التجارية الجديدة “هايبر ماكس” بالأردن الثلاثاء.

وأدى استمرار حملات المقاطعة الأردنية منذ ما يزيد على العام -للشركات والعلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي- إلى تراجع الأرباح الصافية والإيرادات الكلية، والمبيعات الإجمالية لهذه الشركات، بل إن بعض الشركات العالمية أغلقت عدداً كبيراً من فروعها بالأردن نتيجة تعاظم حملات المقاطعة الشعبية.

وتشير المصادر إلى أن مبيعات “كارفور” في الأردن شهدت انخفاضاً حاداً تجاوزت نسبته 80% منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما دفع إدارة الشركة الفرنسية لاتخاذ قرار الإغلاق، بعد فشل محاولاتها السابقة بتخفيض أسعار منتجاتها، وإعلانها عن عروض وحوافز لاجتذاب الزبائن، إلا أن الإقبال عليها بقي دون النتائج المرجوة، في رحلتها الطويلة للهروب من سيف المقاطعة المصلت عليها.

المقاطعة نمط حياة

أكد الخبير الاقتصادي الأردني عامر الشوبكي أن سياسة المقاطعة أصبحت قناعة لدى الأردنيين، وقال -في حديثه للجزيرة نت- إن “مقاطعة البضائع الأميركية أو العلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي أصبحت نمط حياة بالنسبة للمواطن الأردني، ولأول مرة نرى المقاطعة بهذا الشكل”.

وأضاف “مقاطعة المنتجات الأجنبية دائماً ما تنعكس بشكل إيجابي على المنتج المحلي بعكس ما يروج له البعض، لأن المواطن الأردني بات يعطي الأولوية في خيارته للمنتج المحلي على حساب الأجنبي”.

واستدرك “يجب أن نشير إلى جزئية هامة لها علاقة بالواقع الاقتصادي، إذ إن ما جرى مع شركة كارفور له علاقة أيضاً بالواقع الاقتصادي المترهل، وضعف النشاط الاقتصادي في المملكة”.

وقال “أصبحنا نلحظ مؤخراً أن الكثير من المحال التجارية تغلق أبوابها في السوق الأردنية نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية، التي لها علاقة مباشرة، أو غير مباشرة بما يحدث في الإقليم من أزمات متتالية، وأهمها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية”.

انتصار للأردنيين

وكانت حملة مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في الأردن “بي دي إس” (BDS) قد قالت أمس إنه وبعد حملة استمرت سنتين وتعاظمت بعد عملية طوفان الأقصى انتصر الشعب الأردني على داعمي الإرهاب الصهيوني وأجبروا العلامة التجارية كارفور على الخروج من البلاد.

وأضافت الحملة في إعلانها المقتضب الذي نشرته عبر منصات التواصل “لا صوت يعلو فوق صوت الأردنيين.. لا صوت يعلو فوق صوت المقاطعة”.

ترحيب واسع

إلى ذلك، أكد ناشطون أردنيون ترحيبهم بالخطوة التي قامت بها شركة كارفور بإغلاق جميع فروعها في المملكة، وأشار خضر رشيد (مدير مدرسة) إلى أن “المواطن أصبح يبحث عن كلّ ما هو جديد بخصوص الشركات التي تدعم الاحتلال”.

وأضاف “اليوم المواطن يبتكر أساليب جديدة لمقاطعة المنتجات الأميركية أو الغربية الداعمة للاحتلال، من خلال مقاطعة كل من يتعامل معها كالمحال التجارية، أو المولات الكبيرة التي تقوم ببيع منتجات الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي”.

واعتبر أن حملات المقاطعة المدروسة والمستمرة ساهمت بنسبة كبيرة في دعم الاقتصاد المحلي، وتطوير منتجات الشركات الأردنية، بل وتشجيع الشركات الوطنية على توسيع استثمارها في المملكة.

من جهتها ثمنت خولة مفيد (ربة منزل) الخطوة التي قامت بها كارفور بإغلاق فروعها، معتبرةً -في حديثها للجزيرة نت- أن الخطوة تمثل انتصاراً حقيقياً للإرادة الشعبية الأردنية برفض ما قامت به الشركة الأم بتمويل الحملة العسكرية ضد المدنيين في قطاع غزة.

وقالت “مشهد جنود الاحتلال يحملون أغذية تتضمن علامة شركة كارفور بداية معركة طوفان الأقصى لا يغيب عن مخيلتنا، وبالتالي آن لهذه الشركة أن يتوقف عملها في الأردن”.

وحول ذلك، قال منسّق حملة “الأردن تقاطع” حمزة خضر “إعلان كارفور عن إقفال أبوابها في الأردن مؤشر حيوي ومباشر على نجاح حملات المقاطعة التي قادها الشعب الأردني بنفسه، ومن أن الالتزام الشعبي بالمقاطعة ما زال عاليا ومستمراً، وأصبح المواطن يبحث عن البدائل الوطنية سواء للمطاعم أو المقاهي أو السلع التجارية”.

وأضاف خضر -للجزيرة نت- أن المواطنين قاموا مؤخراً بإطلاق حملة مقاطعة المؤثرين الذين لا ينخرطون بالحديث عما تتعرض له غزة، مما يؤشر على مدى الإحساس بالقضايا الوطنية، وإيجاد حالة جديدة من الوعي حول أهمية المقاطعة وضرورة استمرارها.

وأعاد مستخدمون للفيسبوك نشر بيان كارفور الأردن على المنصة الاجتماعية أكثر من 7 آلاف مرة، مع العديد من التعليقات التي تربط الإغلاق بحملة مقاطعة نتيجة الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وفق ما أوردت رويترز.

المنتج المحلي بديل قوي

ومع مرور الوقت، تصاعدت حملات المقاطعة الشعبية التي تحولت إلى ثقافة عامة لدى المستهلك الأردني، مما عزز من حضور المنتجات المحلية بالسوق الأردنية، إذ أشار استطلاع رأي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية إلى أن نسبة المشاركين في نشاطات المقاطعة تجاوزت 93%، وأن 95% منهم توجهوا إلى المنتج المحلي كبديل للمنتجات التي جرت مقاطعتها، في حين رأى نحو 72% من الأردنيين أن تلك الحملات لا تؤثر بالاقتصاد الوطني.

شاركها.
Exit mobile version