تظل المساعدات الأميركية إلى أفغانستان محط جدل متزايد، إذ تتزايد التساؤلات بشأن ما إذا كانت هذه الأموال تصل إلى حركة طالبان أو إذا كانت تستخدم لأغراض أخرى.

ومع تصاعد الجدل صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن المساعدات الأميركية تصل إلى طالبان “وهو أمر لا ينبغي أن يحدث”، مهددا بقطع المساعدات عن أفغانستان.

وعبر الملياردير الأميركي إيلون ماسك المقرب من ترامب أيضا عن استغرابه على منصة “إكس” قائلا “هل نحن فعلا نرسل أموال دافعي الضرائب الأميركيين إلى طالبان؟”.

ووسط هذه الأوضاع تظل المساعدات الأميركية عاملا مهما في استمرار الأنشطة الإنسانية بأفغانستان.

وفي هذا السياق، يتساءل الخبراء عن تأثير قطع المساعدات على الاقتصاد الأفغاني.

مساعدات دولية

ورغم التصريحات السياسية بشأن تقليص المساعدات فإن مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة يواصل خططا لتقديم الدعم إلى 16.8 مليون شخص في أفغانستان لعام 2025، مع ميزانية قدرها 2.42 مليار دولار، جزء كبير منها يأتي من أميركا.

وحسب تقرير “إدارة سيكار” (مكتب المفتش العام لإعادة الإعمار في أفغانستان)، تم استخدام 3.5 مليارات دولار من الأصول المجمدة للبنك المركزي الأفغاني التي كانت تحتفظ بها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أموال أخرى تم صرفها لأغراض مثل عمليات الإخلاء وإعادة توطين الأفغان في الولايات المتحدة بعد انسحاب القوات الأميركية في أغسطس/آب 2021.

 

طالبان ومطالبها من أميركا

من جانبه، دعا شير عباس ستانكزي نائب وزير الخارجية الأفغاني ترامب إلى “نسيان فترة بايدن”، مطالبا بسياسة أميركية أخرى غير التي كانت تتبعها إدارة جو بايدن، وفتح السفارة الأميركية في كابل، ورفع العقوبات عن أفغانستان، وإعادة الأموال المجمدة.

وفي تصريح خاص، أكد حمد الله فطرت نائب المتحدث باسم حكومة تصريف الأعمال أن الحكومة لم تتلقَ أي أموال من الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الأموال التي يتم الحديث عنها هي في الواقع نفقات أميركية تتعلق بإجلاء القوات الأميركية أو إعادة توطين الأفغان الذين فروا معها.

وأضاف أن “ادعاءات أميركا بشأن تقديم مليارات الدولارات مساعدات لأفغانستان غير صحيحة تماما، ونحن نرفضها بشكل قاطع، الحقيقة هي أن أميركا لم تقدم للإمارة الإسلامية ولا حتى روبية واحدة، بل إنها استولت على مليارات الدولارات من الشعب الأفغاني وجمدتها”.

التأثير الاقتصادي للمساعدات

ويؤكد خبراء اقتصاديون أن قطع المساعدات الأميركية سيؤدي إلى تأثيرات سلبية مباشرة على الاقتصاد الأفغاني.

ووفقا للخبيرة الاقتصادية صديقة زكي، فإن المساعدات قد ساهمت في تقليل عدد الأشخاص الذين يعانون من أزمة غذائية من 21 مليون شخص في 2021 إلى نحو 11 مليونا في 2023، وهو ما يعتبر تحسنا ملحوظا.

وتشير زكي في حديث للجزيرة نت إلى أن المساعدات لا يمكن أن تحل جميع مشاكل أفغانستان، فهي مجرد جزء من الحلول المؤقتة، إذ ما زال البلد يعاني من مشاكل متعددة، مثل التغيرات المناخية والهجرة.

وأضافت “رغم أن المساعدات الدولية ساعدت في تحسين الوضع الغذائي بأفغانستان فإن هناك مشاكل أعمق، مثل التغيرات المناخية والمشاكل الاقتصادية المتراكمة، والتي لا يمكن حلها بالكامل عبر المساعدات”.

HERAT, AFGHANISTAN - OCT 22: Street scene on October 22, 2012 in Herat, Afghanistan. Herat is the third largest city of Afghanistan, with a population of about 450,000.

أما أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة كابل ضياء شفايي فيعتبر أن الاقتصاد الأفغاني “متعود” على المساعدات الخارجية، وأي قطع لهذه المساعدات سيكون له تأثير “فوري” وجدّي على الاقتصاد.

وقال للجزيرة نت “لقد اعتمدت سياسة البنك المركزي الأفغاني على بيع الدولار الذي يصل عبر المساعدات الخارجية للحفاظ على استقرار العملة الأفغانية، وإذا توقفت هذه المساعدات فسنرى انخفاضا حادا في قيمة العملة، مما سيؤدي إلى تضخم وارتفاع الأسعار، وسيؤثر بالتلي سلبا على حياة المواطنين”.

وعلق ضياء شفايي بالقول “الحكومة الأفغانية لا تمتلك احتياطيات كافية لمواصلة دعم العملة كما كان الحال مع المساعدات الخارجية، انهيار قيمة العملة سيكون له تأثير مباشر على حياة الناس وسيؤدي إلى تدهور الوضع المعيشي”.

وتظل قضية المساعدات الأميركية إلى أفغانستان معقدة، إذ تتباين الآراء بين من يرون أنها ضرورية للاستقرار الإنساني والاقتصادي، ومن يرون أنها تستخدم لأغراض سياسية.

وفي ظل التحديات الاقتصادية العميقة التي تواجهها أفغانستان، يتساءل الخبراء عن كيفية تأثير قطع المساعدات على الوضع الداخلي، خاصة على مستوى العملة والتضخم، وفي النهاية تبقى هذه القضية محط جدل مستمر بين الأطراف المعنية.

شاركها.
Exit mobile version