مع تزايد الضغط العالمي للحد من الانبعاثات الكربونية، تواجه شركات صناعة السيارات خيارات معقدة تتعلق بتقليل الانبعاثات في سلاسل التوريد الخاصة بها.
ورغم أن التحول إلى الطاقة النظيفة يحمل فوائد بيئية واضحة، فإنه يأتي بتكاليف إضافية تؤثر بشكل مباشر على أسعار المنتجات على ما ذكره تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.
ومؤخرًا، أعلنت شركة “هوغيو أوتولاينرز” النرويجية عن إطلاق سفينة نقل سيارات جديدة تُعد الأكبر والأكثر صداقة للبيئة حتى الآن.
هذه السفينة هي جزء من خطة أوسع تشمل بناء 12 سفينة جديدة بتكلفة إجمالية تبلغ 1.2 مليار دولار -وفق بلومبيرغ-، وجميعها بُنيت في الصين بالتعاون مع شركة “اندستري تشاينا مركانتس هيفي”. والهدف من هذه السفن هو تقليل الانبعاثات من خلال استخدام تقنيات متقدمة تشمل الغاز الطبيعي المسال، والوقود الحيوي، والزيوت المنخفضة الكبريت.
وتخطط الشركة النرويجية لاستخدام الأمونيا كوقود في السفن المستقبلية بحلول عام 2027، لكن تكلفة هذا الوقود تظل مرتفعة وإمداداته محدودة على ما أكدته بلومبيرغ.
تأثير تكاليف الوقود البديل
وتقول بلومبيرغ إن زيادة تكاليف استخدام الوقود البديل تمثل تحديًا كبيرًا، حيث يُقدّر أن تزويد السفن الجديدة بخيارات الوقود النظيف يزيد من تكلفة بناء كل سفينة بنسبة تتراوح بين 5% و10%.
وعلى الرغم من ذلك، تعتقد شركة “هوغيو” أنها تستطيع تحميل هذه التكاليف الإضافية على العملاء، حيث أشارت إلى أن التكلفة الإضافية على العملاء ستكون ضئيلة، بحيث لا تتجاوز 1% من سعر أي سيارة.
ارتفاع الطلب والتشريعات المستقبلية
ومع استمرار الضغط التنظيمي لتقليل الانبعاثات، تتوقع “هوغيو” زيادة في الطلب على السفن الصديقة للبيئة، حيث أكد الرئيس التنفيذي للشركة، أندرياس إنغر، أن الطلب على هذه السفن سيتزايد مع تشديد اللوائح البيئية.
من جانبها، أشارت ميرجام بيترز، رئيسة قسم استدامة العملاء في الشركة في حديث للوكالة، إلى أن زيادة الاستفسارات حول تقليل الانبعاثات في سلسلة التوريد تعكس وعيًا متزايدًا من قبل العملاء، حتى لو لم تكن الانبعاثات الناتجة عن النقل هي أكبر مصدر قلق حاليًا لصناعة السيارات.
تحديات مستقبلية للصناعة
وتقدر بلومبيرغ أنه وبرغم التطورات الإيجابية، لا يزال هناك الكثير من التحديات أمام صناعة الشحن، خاصة مع التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا التي قد تؤثر على صادرات المعدات.
وتعتمد هذه التوترات بشكل رئيسي على المنافسة الاقتصادية والسياسية بين القوى العالمية، مما يجعل مستقبل الصناعة محاطًا بعدم اليقين.
ووفقًا لبيانات حصلت عليها الوكالة، تُعتبر صناعة الشحن مسؤولة عن 3% من الانبعاثات العالمية. ولتحقيق الأهداف الطموحة لتقليل الانبعاثات، يتعين على الشركات العاملة في هذا القطاع خفض انبعاثاتها بنسبة 20% بحلول عام 2030 و70% بحلول عام 2040، بهدف الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2050.
أرباح رغم التحديات
وعلى الرغم من التحديات، شهدت أرباح شركات الشحن العالمية قفزة كبيرة في الربع الثاني من عام 2024، حيث تضاعفت تقريبًا لتصل إلى أكثر من 10 مليارات دولار.
هذا الارتفاع يعكس زيادة في حجم الشحن وارتفاع أسعار الشحن بعد التحويلات في البحر الأحمر. هذه البيانات تشير إلى أن صناعة الشحن، رغم التحديات البيئية والتنظيمية، تظل ركنًا أساسيًا في الاقتصاد العالمي، وأن الابتكار في هذا المجال سيظل جزءًا حيويًا من مستقبل الصناعة على ما ذكرته الوكالة.
في نهاية المطاف، تظل الحاجة إلى تحقيق التوازن بين التكلفة والابتكار والتقليل من الانبعاثات تحديًا مستمرًا أمام الشركات، وهو ما يتطلب توجيه استثمارات كبيرة نحو تقنيات الطاقة النظيفة لتحقيق الأهداف البيئية دون التأثير سلبًا على الأداء الاقتصادي.