تواجه الخطوط الجوية العراقية منذ ما يقرب من عقد من الزمان تحديًا كبيرًا يتمثل في استمرار الحظر المفروض على طائراتها من قبل الاتحاد الأوروبي.

ويعود سبب هذا الحظر إلى عدم استيفاء الشركة للمعايير الدولية للسلامة الجوية التي يضعها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا).

ويعود تاريخ فرض الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية إلى عام 1991، في أعقاب غزو النظام العراقي السابق لدولة الكويت وفرض العقوبات الدولية على العراق.

وتم رفع الحظر لفترة وجيزة في عام 2009، قبل أن يعاد فرضه مجددًا في عام 2015 بسبب وجود مخالفات بشروط السلامة الجوية.

ورغم مرور سنوات طويلة على فرض الحظر، وتكرار المحاولات العراقية لرفعه، فإن المشكلة لا تزال قائمة، مما يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء استمرار هذا الحظر.

وأعلنت الخطوط الجوية العراقية، في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن تحديث أسطولها بـ13 طائرة جديدة، 5 منها إيرباص، و6 طائرات بوينغ 737، وطائرتان دريم لاند من أصل 10 طائرات متعاقد عليها، مع تسلم المزيد حتى عام 2027 ليصل العدد إلى 31 طائرة.

معايير السلامة

وأكد عضو لجنة النقل في البرلمان العراقي النائب زهير الفتلاوي أن السبب الأساسي وراء استمرار الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية يعود إلى عدم تطبيق الشركة لمعايير السلامة التي تفرضها الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران (الياس).

وقال الفتلاوي في حديث للجزيرة نت، إن الشركة لم تلبِّ هذه المعايير الدولية المطلوبة بسبب عوامل عديدة، منها موضوع الصيانة وتدريب كوادر الصيانة وكوادر الطيارين.

وأضاف الفتلاوي أنه يجب أن يكون هناك مركز معتمد لتدريب الطيارين، وأن تكون هناك بعض الخطوات والإجراءات المتعلقة بنظام إدارة السلامة في المطارات والطائرات، لافتا إلى أن العراق لم يطبق العديد من هذه الإجراءات، مما أدى إلى استمرار الخطوط الجوية العراقية في لائحة الحظر الأوروبي كل 6 أشهر.

وأوضح الفتلاوي أن الإجراءات الحكومية التي تم تداولها بين الحين والآخر هي إجراءات خجولة، وأن الجهات الحكومية، بما في ذلك المستشارون في رئاسة الوزراء والحكومة، “قد يئسوا من عمل الكوادر العراقية الحالية”.

وأضاف أنهم استعانوا بمكاتب استشارية “معتمدة” من الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران (الياس) والوكالة الدولية للطيران (الإيكاو)، مما يكلف العراق ملايين الدولارات سنويا.

ووجه رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال اجتماع عقده في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، مع وفد الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، باعتماد هيكل تنظيمي إداري جديد للشركة، وذلك بهدف تحسين أدائها وجعلها قادرة على تلبية متطلبات المعايير الدولية.

خسائر بملايين الدولارات سنويا

وأشار الفتلاوي إلى أن هذه المكاتب والخبراء الذين يقدمون الاستشارات الفنية لا يقومون بتطبيق هذه الإجراءات على أرض الواقع، مما يعني أن جميع محاولات الحكومة في رفع الحظر قد باءت بالفشل، منوها إلى أن العراق بحاجة إلى إرادة حقيقية للعمل.

وبالنسبة للخسائر المالية، أشار الفتلاوي إلى أنها تقدر بملايين الدولارات سنويا، خاصةً أن العراق يمتلك جالية كبيرة من المهاجرين في دول أوروبا، ويستخدمون طيران آخر بدلا من الخطوط الجوية العراقية.

وقال الفتلاوي: “نحن بحاجة إلى إرادة حقيقية للعمل من الخطوط الجوية العراقية”.

موقف رسمي

وأكد المتحدث الرسمي لوزارة النقل العراقية، ميثم الصافي، أن الحظر المفروض على الخطوط الجوية العراقية من دخول المجال الجوي الأوروبي منذ عام 2015 يشكل تحديا كبيرا للقطاع.

طائرات عراقية على مدرج مطار بغداد، وكالة الأنباء العراقية

وقال الصافي في حديث للجزيرة نت، إن سبب هذا الحظر يعود إلى عدم استيفاء الشركة لمعايير السلامة الدولية التي وضعتها منظمة الطيران المدني الدولي “إيكاو” (ICAO).

وأضاف أن أبرز التحديات التي تواجه الشركة تتمثل في توحيد أسطول الطائرات، وتوفير طواقم مؤهلة، وتحقيق الاستقرار الإداري، بالإضافة إلى تطوير قدرات سلطة الطيران المدني العراقية على مراقبة سلامة التشغيل الجوي.

وأوضح الصافي أن الحكومة العراقية تعمل جاهدة على رفع الحظر، حيث تم تشكيل لجنة متخصصة تتابع هذا الملف بشكل دقيق، كما تم التعاقد مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي للحصول على الشهادات اللازمة.

وقال: حققت الشركة تقدما ملحوظا في معالجة العديد من الملاحظات التي أثيرت، حيث قامت بتشخيص الأخطاء واتخذت الإجراءات اللازمة لتصحيحها.

وبشأن الخسائر المترتبة على حظر الطيران فوق الأجواء الأوروبية، أشار الصافي إلى أن الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية، رغم تحقيقها لأرباح كبيرة بلغت 54 مليار دينار عراقي في عام 2023 (نحو 41 مليون دولار)، فإنها كانت قادرة على تحقيق المزيد لو لم يكن هناك حظر.

وأشار إلى أن رفع هذا الحظر سيتيح للشركة زيادة إيراداتها بشكل كبير، نظرا للطلب المتزايد على الرحلات الجوية نحو أوروبا.

شاركها.
Exit mobile version